القائمة الرئيسية

الصفحات

مسلسل 1899 الجديد على نتفلكس

 في عام 2017، وفي الظل بهدوء، تم صنع فيلم Dark المهيب، أول إنتاج ألماني لـ Netflix، كان نجاحه في الموسم الأول خفي، قبل تفجير بقية المواسم (الموسم الثاني،  والموسم الثالث)، حيث جلب شهرة واسعة وعن جدارة للزوجين المبدعين باران بو أودار وجانتي فريس، بالإضافة إلى صفقة متعددة السنوات مع عملاق البث نتفلكس.

 والآن فيلم 1899، وهو إنتاج جديد للثنائي، مع طاقم دولي، سيقع على عاتقهم مهمة كبيرة، وهي تقديم قصة جيدة ترضي هؤلاء الذين  أحبوا فيلم Dark ... 



في المحيط الذي تعلوه سماء اكتحلت بغيوم سوداء، الأجواء أسطورية ذات هيبة

لن تنتظر حتى انتهاء الحلقة، فقط 15 دقيقة كانت كافية لتدخل في الجو، حتى،  وتشعر بتعقيد الحبكة وقبل كل شيء، ترحب بمشجع Dark ليدخل أرضا يألفها من قبل،

 تصوير على حافة الأبيض والأسود، لغز يحبس الأنفاس، شخصيات مفقودة تحمل أسرارها مثل الأعباء: أنت في قارب باران بو أودار وجانتي فريز، وخيالهم بحرٌ، أمواجه تغرقك في الفضول لتعرف بقية القصة.


العمل يحمل نوعا من  الرعب النفسي، وعلى الفور تتبادر إلى الذهن العديد من الإشارات ... 

الافتتاح: مستوحى إلى حد كبير من شخصية Silent Hill 2 - شخصية تشكك في جنونها أمام المرآة، تلقت رسالة غامضة من أحد أفراد أسرتها المفقود، تشير البيئة المعدنية الرطبة والأنماط النفسية التالفة إلى The Terror and Shutter Island. 

أخيرًا، بعض اللوحات السريالية على غرار ديفيد لينش - داخل غرفة طعام الركاب، حيث الجميع يستمتع بالأكل وشرب الشاي، ثم لمحة خاطفة لأهم الشخصيات التي سنكتشف أسرارها مع مرور الأحداث وتصاعدها.

مسلسل 1899


الماضي مقابل الحاضر

تتصاعد الأحداث، لكن مع القليل من التفسير لما نراه، الآن تبدأ بالاندهاش من طريقة مزج الأحداث بالديكور الخاص لعام 1899 والهواجس النموذجية لمبدعيها، ثم فجأة يظهر رجل غامض يرتدي معطفًا طويلًا، يمتلك جهازًا غريبًا من التكنولوجيا غير المعروفة، يأخذك بين عوالم زمنية مختلفة، وتظل الحكاية مستمرة ومتشابكة لدرجة أن الماضي دو الفراغات، والحاضر المبهم يجعلك تصطدم بفوضى كبيرة، تؤلم رأسك.


 وفي هذا الصدد، نرى أن مسلسل 1899 أكثر حكمة قليلاً ولا ينتج أي شيء فوضوي مثل  Dark، رغم ذلك يأتي الزوجين المبدعين  بالحيلة نفسها، وهي تشبيع قشرة الدماغ بالمعلومات المهمة، دون إعطاء الفرصة أو الطرق للتحقق من صحتها، ولإيجاد مفاتيح الفهم، وبالتالي يضيع المتفرج في ضباب فكري كثيف مثل ضباب المحيط الأطلسي، وهو يحاول  كسر الماستودون (حيوان منقرض) من المعدن العائم بينما تحاول الروح اختراق محيط من الجنون: ببسالة، ولكن عبثًا.

الإبحار ينتهي

ولكن إذا لم يكن فيلم 1899 كثيفًا مثل فيلم Dark، لكنه كان أكثر تعقيدًا، ويكافح في تصاعد الأحداث، مؤخرا المشاهد للحصول على  بعض فتات من المعنى، ما يؤجل الفهم باستمرار، 1899 يغازل بلطف الإحباط في بعض الأحيان، بخيل جدًا مع التفسيرات، ينتج عنه أحداث مذهلة غير محتملة، ولكن تفسيرها يأتي دائمًا لاحقًا... 

الدماغ يحب الخداع و إيقاعك في الحيرة، ولكن فقط عندما ينسج الأسباب الدقيقة لحصول ذلك، وفي غياب هذه الأسباب، يتم أحيانًا تقويضك. متلازمة لوست هي جزء من فيلم 1899، حيث تحدث الأشياء أحيانًا دون سبب أو مبرر، وبالتالي بدون منطق. ما هي بالضبط سلسلة الأحداث التي تهدف إلى خلق الشعور بالارتباك، وبالتالي تحقق الهدف، أليس كذلك ؟ سيكون من الضروري انتظار بقية المواسم للحصول على الأجوبة، ولكن في الوقت الحالي، لعبة القط والفأر مع السيناريو هي قوة وضعف فيلم 1899، الذي سيترك جانبا جزءً من الجمهور يقاوم لعدم وجود قواعد واضحة.

المشي فوق المحيط الضبابي

شخصيات الفيلم تعاني من إدارة لغة متذبذبة حقًا. مسلسل جميع شخصياته تتحدث ثماني لغات مختلفة ما يضيف سحرا على الأحداث، إن لم تحول الفيلم إلى اللغة الإنجليزية. ستجد البطلة وهي طبيبة تخاطب مجموعة من الناس لا يفهمون شبئا مما تقول، لولى وجود طفلة صغيرة تترجم لها، وميكانيكي بولندي يهز الفحم لا يفهم حقا ما تخبره به امرأة صينية.


إذا كان لفيلم 1899  نقطة ضعف واحدة حقيقية بارزة، فستكون في غياب شخصياته الدرامية. الجميع يعيش في وئام مع هذه الحبكة الكثيفة، والمؤامرات الثانوية رغم أن قليلة إلا أنها لا تمزق أيضا، ربما هذا هو المكون المفقود بين فيلم Dark وفيلم 1899: شخصيات أكثر برودة، وعواطف أكثر برودة، ولن تجد الدموع الدافئة تتدفق.

مسلسل 1899


بمجرد انتهاء الحلقة الأخيرة، ترتفع رغبة واضحة على الفور لانتظار بقية المواسم، إنه جنون النهاية، حيث نجد شخصياتنا في الحقيقة قد فرت من ماضيها المؤلم، وها هي داخل مركبة فضائية تهيم في الفضاء، فوق رؤوسهم آلات، فنبقى نتساءل: هل سنشهد ألعابا أخرى؟ هل سيستيقظ أبطالنا؟ 

1899 يستمتع بلف عقل المتفرج، وبغرقه في الكثير من الأحداث المبهمة، والمرهقة، ما يجعلها مشاهدتها دون تضييع دقيقة واحدة أمرا صعبا.


مسلسل 1899 متاح بالكامل على Netflix





أنت الان في اول موضوع
author-img
محيدب سارة، خريجة ماستار اتصال وعلاقات عامة، صُدر لها روايتين (رواية شاتيلا، رواية تحت شمسٍ واحدّة) حائزة على المرتبة الأولى في جائزة رئيس الجمهورية علي معاشي 2022 عن فئة الرواية

تعليقات

التنقل السريع